يحكى أن ملوك الأرض اجتمعوا يوماً ليتناقشوا فيما تحتاجه شعوبهم لتعيش حياة سعيدة
وكان الاجتماع مهيباً جداً ثار فيه الجدال والخلاف ولم يتفق المجتمعون على رأي
حتى قام شيخ جليل مغوار أسكت الحاضرين ببهاء طلعته وحسن سيرته وقال بكل وقار:
ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان..
وأعجب المؤتمرون بهذه العبارة التي جمعت شملهم واتفقوا أخيراً على أن الإنسان
ليعيش سعيداً يحتاج إلى الخبز وإلى الحرية..
وانطلق الحشد إلى ديارهم كل يخطّط لتطبيق ما انفض عليه الاجتماع الكبير..
فأقامت بلاد ما وراء البحار الأفران الحديثة ونظمت العمل فيها ووضعت الخطط لتحسين
انتاج الخبز والارتقاء به وأنتجت منه أنواعاً عديدة لينعم شعبها بأفضل أنواع الخبز في العالم،
وتركت للناس حرية الرأي والنقد والمشاركةوالاعتراض على الشاردة والواردة والكبيرة والصغيرة..
وعاش شعب ما وراء البحار رغيداً سعيداً
أما بلاد أعالي الجبال فبنت المصانع العديدة الكثيرة ونظمت العمل في هذه المصانع ليعمل الشعب كله فيها
وأنتجت كميات هائلة من الخبز بجودات مختلفة وصدّرت الفائض منه إلى الخارج.
وربح اقتصاد البلاد ربحاً وفيراً استغلته في تحصين الأسوار وبناء جيش قوي جبار يردع المتربصين
ويبسط سيطرته على الشعوب المجاورة التي خضعت صاغرة لسلطة أعالي الجبال..
وهكذا عاش شعب أعالي الجبال عزيزاً فخوراً بقوة بلاده ومنعتها رغم قسوة الحياة فيها
أما بلاد اتحاد الشمال والجنوب منعها فقرها من بناء الافران الكثيرة فتوجهت إلى الشعب
وأشركته في التخطيط وفهمته أن الأمر منه وإليه وأن ازدهار البلاد مسؤولية الجميع في الشمال
والجنوب وأن النجاح امتياز للجميع في الشمال والجنوب أيضاً،وتركت للشعب الحرية
الكاملة في الاحتجاج والتغييرو"الخناء" والنقد البناء وغير البناء، واختلف شعب الشمال
والجنوب واتهم كل الآخر بالعيوب ،وعقدت بينهم الاجتماعات واتفقوا أخيراً على انتخاب
مجموعة من الأعضاوات ،لتسير أمورهم وتقود دفتهم نحو المستقبل الزاهر على أن
يتغير هؤلاء باستمرار ليأخذ كل مواطن دوره في القرار
ورغم فقر البلاد وقلة الخبز بين العباد ،عاش شعب الشمال والجنوب في سعادة إذ
أدركوا أن الأمر بيدهم وأن سوء الحال من صنعهم وأنهم سائرون على الطريق نحو
مستقبلهم الذي يصنعونه بأيديهم..
أما بلاد الأنفاق فقد "داخت" بين الأساليب وأعيتها الطرق والألاعيب واشمئزت من مناهج
البلاد الأخرى وأعلنت فشل هذه المناهج كلها وسواد بختها و غباء أهلها،
واختارت لها منهجاً فريداً إذ أعلنت على الملأ سابقة تاريخية بدمج الخبز والحرية،
فلا بنت مصانعاً ولا حصّنتت أسواراً واستثمرت الدنانير في مشاريع "سرية"،
وأعلنت أنها تركت للشعب مطلق الحرية في اتخاذ السبيل المناسب وشق الطريق بنفسه نحو تحصيل خبزه..
ولضمان المصلحة العليا حظر على الشعب "بإجماع منه" أن يهتك حرمة السرية ويطال بلسانه الدنانير والمشاريع المخفية
ورغم تعاسة الحال واستحالة راحة البال وتجهم المستقبل الآت وتنكر الماضي "اللي فات"
تم إقناع الشعب في بلاد الأنفاق بصواب حاله وسلامه اجتهاده وعظم ثواب جهاده في
سبيل المصالح العليا والمشاريع السرية وهكذا عاش بسعادة و"زهزهة" سرمدية!!
حسبنا الله ونعم الوكيل
- Login to post comments
حلوة و معبرة ...... بس مين الكاتب
حلوة
أعجبتني هذه الـ "زهزهة سرمدية" ..
للأمانة ..
بدأت أفتقد حلاوة الخبز في كثير من الأحيان ..
بدأت أشعر بانعدام طعم الخبز ..
و بانعدام تغذيته لي ..
بدأت ..
و لا أدري إن كنت سأستمر في السماح لهذا الشعور ..
لأني ..
إن فقدت شعوري بطعم الخبز تماما ..
فهذا يعني شيئا واحدا فقط ..
حياة صعبة و مريرة ..
من أروع ما قرأت !
شكراً جزيلاً لك !
راااااااااااااااائعة بكل معنى الكلمة يا أبو ناصر
لك وين كنت مخبيها
حلوة كتيييـر
شكراً
جميلة... .
لفتلي نظري "ليس بالإنسان وحده يحيا الإنسان" فتذكرت جملة أصدقائي:
ليس بالمازوت وحده يحيا الإنسان ياصديقي
شكراً
معبرة سواء كانت قصيصةأو فصل فقد احسنت الاختيار ياصاحبي

رائعة بكل ما تحمل الكلمة من معنى !
بل أروع ما كتب على الموقع حتى الآن !
كأنها تتحدث عن إحدى البلدان التي نعرفها جيداً

وأنا هيك حاسس متلك
يا ترى الشعب مقتنع , ام تم حشو الأفكار براسو اجباري
كل الشكر لكم جميعاً...
هلأ عملياً إنت صعب يكفيك الخبز وأصلاً إذا بتلاحظ فما سبق خطرلي بعد رحلة الاجترار تبع مبارح مع حضرتكم!!
(وبشكل روتيني منقول هون "عم امزح" مشان الاتيكيت بس!)..
أما نظرياً ففعلاً بدأ الخبز ومشتقاته(دفء-تعليم-..) يصبح أيضاً من الكماليات!!
العمى!!
ليش؟؟
و الخطط الخمسية..
.
شكرا..حلوة
قال يعني ما بتعرف !

هاد فخ..
لعمى !منيح ماجاوبت هالمرة!!
جميلة
نسيت أن تقول : أن بلاد ما وراء البحار و لكي تضمن أن شعبها لن يبتعد كثيرا بحريته فقد نظمت حملة إعلامية أقنعته بها أن شعب الأنفاق أصل البلايا في العالم , و أنها قادمون إلينا ل(يأنفقوا ) بلاد ما وراء البحار ... و جرت الاقتراعات تمنع المهاجرين من بناء الأنفاق تعبيرا عن هويتهم ...
في نفس الوقت كانت بلاد أعالي الجبال تتبع خطة أخرى فقد أقنعت شعبها أن آدم و حواء هما من بلاد أعالي الجبال لماذا ؟؟؟
لأنهما كانا عاريين و يعتقدان أنهما في الجنة ....
بقيت بلاد الأنفاق و بحجة مؤامرات بلاد ما وراء البحار و باستعانة بحجج بلاد أعالي الجبال فقد سدت الأفواه و خنقت الحريات , لأن لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ......
ضربني و بكى , سبقني و اشتكى , لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ......
شكرا مرة ثانية
سلام
عميقة
ترقبوا:
يحكى أن:بئر الشعب يسرق!
على أحر من الجمر
سلام
عجبتني هاي
https://www.hakeem-sy.com/main/node/33843
جميلة جدا يسلمو .........
مميز هالكاريكاتور
يسلمو
رائعة...و معبرة...
عندما قرأتها تذكرت قصيدة لنزار قباني بعنوان..(السيرة الذاتية لسياف عربي)
فكرة القصة تختلف عن فكرة القصيدة...لكن لا أدري لماذا كانت هذه القصيدة أول ما خطر ببالي أثناء قراءة القصة...
أسلوب مميز...شكراً لك
تحياتي
شكرا خالد .. قصتك يا أخي ذكرتني بقصيدة ساخرة أعرف منها 13 بيتاً .. القصيدة متوفرة لدي في ديوان مطبوع لكنها غير موجوة أبدا على صفحات الانترنت .. لضرورات اقتصادية
وهي لشاعر لم ينل من الشهرة ما يلائم قدره على الإطلاق ، بل إن معظم دواوينه لم تحظَ بالنشر .
كُتبتْ في الفترة بين الخمسينيات والستينيات .... ، وفيها يصف الشاعر التزاحم الغريب والمعارك التي كانت تدور أمام أبواب الأفران فجر كل يوم ، وما يحدث خلالها من انتهاك لجلال الوقت وهيبة كبار السن والنساء و و .... ، يقول في مطلعها :
أقولُ وقد ضـــــاعت ربوعٌ وأوطــــانُ ....... ألا إنَّ همَّ الشعبِ خبزٌ وأفرانُ
جلا المجدُ عن أرضِ الجلاءِ فلم تُرَعْ ....... و رُوِّعَ يومَ الخبزِ شيبٌ وولدانُ
ما يشبه موضوعك منها هو آخر بيتين ، وهما الأجمل ..
أقولُ لقومي ليس بالخبزِ وحدهُ ....... يعيشُ على ظهر البسيطةِ إنسانُ
لقد أشبَعَ الحزبُ الجماهيرَ وحدةً ....... وحرّيــــةً .. فليغلقِ البـــابَ فرَّانُ
ما بعرف شو بدي قلك غير .....يعطيك العافية كتير حلو